في الشهر السابع من الحمل.. عداءة فنزويلية تهزّ العالم وتعيد تعريف حدود الجسد البشري

كتب السيد الأعرج 

في مشهد أثار جدلًا واسعًا عبر المنصات الرياضية ومواقع التواصل الاجتماعي، كسرت العداءة الفنزويلية جوزلين بريا كل المفاهيم التقليدية عن الحمل والقدرة البدنية، بعد أن شاركت في سباق 10 كيلومترات بالعاصمة كاراكاس وهي في شهرها السابع من الحمل، لتكمل السباق بزمن مذهل بلغ 40 دقيقة و31 ثانية فقط!

المتسابقة البالغة من العمر 31 عامًا، والتي تمثل أحد أبرز الأسماء في ألعاب القوى الفنزويلية والعالمية، خطفت الأنظار من اللحظة الأولى لانطلاق السباق، ليس فقط بسرعتها اللافتة، بل بشجاعتها التي فاجأت حتى زميلاتها في المضمار. وبينما تعالت هتافات الجماهير مشجعة “الأم البطلة”، كانت الكاميرات تلاحق خطواتها بثوانٍ محسوبة، لتتحول مشاركتها إلى حدث عالمي تجاوز حدود الرياضة.

وسائل الإعلام الفنزويلية والعالمية انقسمت بين من وصف ما قامت به بريا بأنه “ملحمة إنسانية” تجسد إرادة المرأة وقوتها، ومن رأى أن مشاركتها “مغامرة خطيرة” قد تعرّضها وجنينها للخطر. لكن العداءة ردّت بحزم عبر حسابها الرسمي، مؤكدة أنها اتخذت كل الإجراءات الطبية اللازمة، وأنها أرادت أن “تُظهر أن الحمل ليس نهاية للطموح، بل مرحلة من القوة المتجددة”.

بريا، التي شاركت في أولمبياد باريس 2024 ووصلت إلى نهائي سباق 5000 متر، ليست غريبة عن الأرقام القياسية؛ فهي تحمل ألقابًا وطنية في 1500 متر و5000 متر، وفازت بالنسخة الماضية من السباق ذاته، في حين نالت شقيقتها إديمار بريا ذهبية نسخة 2025، لتؤكد العائلة الفنزويلية أنها أصبحت مدرسة قائمة بذاتها في عالم الجري الطويل.

ومع انتشار صورها وهي تركض ببطنها المنتفخ وثقة لا تهتز، امتلأت التعليقات بين الإعجاب والدهشة، واعتبرها البعض “أيقونة جديدة للأمومة القوية”، بينما تساءل آخرون: هل يجب السماح للرياضيات بالمشاركة في المنافسات أثناء الحمل؟ وهل البطولات أصبحت مسرحًا للجرأة أكثر من الرياضة؟

مهما اختلفت الآراء، تبقى جوزلين بريا قد وقّعت اسمها في التاريخ كإحدى أجرأ وأقوى الرياضيات في العالم، وخلّدت لحظة ستظل عالقة في ذاكرة عشّاق الرياضة حول العالم: عداءة تركض للحياة مرتين، مرة لنفسها ومرة لجنينها.